Sunday, 30 March 2014

الرفض_مقال

تأليف: رنا خالد Blog Publisher

كتابة و تحرير: محمد هشام وعمر هشام

**************************************************

الشعور بالرفض شعور قاتل. فهو كالقنبلة الموقوتة التي كلما تسارعت نبضات قلبك محاولا ابطال مفعولها المدمر، تسارعت نبضات عقاربها نحو نهاية المطاف، فإنما كانت نهاية مدمرة او نهاية بطُل مفعولها في الثواني الأخيرة قبل الانفجار. فان حاولت تفاديها او السيطرة على تناثر اشلائها الغاضبة أصبحت معها في عداد الموتى. وان قررت ان تتركها لتنفجر وتشعل النيران في كل ما هو على مرمى البصر، الى ما بعد البصيرة، ظلت النتيجة تلال من الرماد الهش، الراكد في وضع الاستعداد ليتناثر في ارجاء النفس، محبطا إياها. فهذا الرماد ما هو إلا ذرات اليأس التي تتغذى على كيانك، مهلكة إياه.

كلما نظرت إلى الحياة رأيتها كالرصاصة المشتعلة، المنطلقة من قاذفها بسرعة نفاثة. صوت قذفتها ما هو إلا صرخة الوليد الموجعة بعد أن رأى حياته كأفلام الكارتون المأساوية. ففي بداية طريقها تكون في أقصى سرعة لها، ملتهبة وغاضبة، تكاد تكون كصاعقة برق ألقتها السماء في نوبة من نوبات الجنون. تبدأ بعد ذلك بالتباطؤ التدريجي لما قد تواجهه في طريقها الشاق من عوامل التعرية من اعاصير ترابية ورياح وزوابع التغير القاسية.

تظل الرصاصة على طريقها بهذا الشكل إلى أن ترتطم بأول جسد صلب يُعرقل مسيرتها. هذا الجسد هو الرفض. الرفض هنا من الممكن أن يكون شخص قد رفض حبك له، أو شركة قد رفضت طلب توظيفك، أو أشياء اخرى كثيرة ترفض وجودك أو ترفض ما أنت عليه. هنا يظهر مفترق الطُرق، فالرصاص نوعان: نوع قد ينبعج ويستقر في ذلك الجسد الصلب ويستسلم للهزيمة، ومن ثم اليأس الذي يبدأ في التغذي على رماد الرصاصة المنكوبة. ونوع آخر عنيد، يرفض الاستسلام وينوي العزيمة على اختراق ذلك السد حتى وإن كان سيخسر هيئته المتماسكة، الثاقبة للموانع.

النوع الثاني من الرصاص صعب الحصول عليه ولكنه ثمين وقوي. فهو يُقرر أن لا شيء يستطيع هزيمته، حتى وإن كان سد منيع. هذا النوع يثقب السدود التي تواجهه ويستمر بالتقدم إلى أن تهدأ سرعته بالتدريج. أما النوع الاول فهو النوع الأكثر شيوعا؛ نوع ضعيف لا قيمة له، يتوارى سريعا مع أول مواجهة. فهو النوع الذي يستسلم للأوجاع ويري النهاية قبل أن يُقرر أن يخطو خطوة واحدة في طريق حياته. هذا النوع يتحول إلى اليأس الذي بدوره يتغذى عليه ويُصبح صداه مُعدي ومميت.

بناء على ذلك فحياة الأشخاص كالرصاص ومن ثم فالأشخاص نوعان: نوع يائس، مكتئب، يريدك أن ترتطم أنت أيضا بحاجز الرفض لكي يستولي على حياتك ويتفاقم بداخلها كالخلايا السرطانية، ونوع رافض للواقع والحواجز والعقبات التي تستقر في أنحاء الطريق. الرفض ما هو إلا سد من السدود التي تتباري لتسقطك بعيدا عن هدفك وحياتك المنتظرة. فيجب على الرفض أن يجعلنا النوع الثاني من الرصاص، مُثابرين ومُقبلين على الحياة. فإن وجد منا غير ذلك، أصبحنا فريسة له وليأسه القذر.

كل شخص مولود وقد رُسمت علي وجهه ملامح الحياة المفعمة بشرارة المثابرة. ان تركت اليأس يستولي على تلك الشرارة، تتباري ملامح وجهك نحو الذبول. فتري الملامح المفعمة بنسيم الحياة قد تبارت نحو الانبعاج والتواري إلى أن تموت وتصبح مصدر حياة للزواحف المضنية، الكامنة في طبقات الأرض المتلهفة للاستحواذ على طاقتك المُتبقية. فلا تكن طعامها، كُن السم الذي تآكلها كلما حاولت التغذي عليه. كُن شعلة الحياة الملتهبة ولا تدع عوامل التعرية الحمقاء تحد من سرعتك وقوتك الكامنة في قلبك الذي لا يتوارى عن إشراقة شمس الحياة.

1 comment: