Monday, 10 November 2014

عن هيبتا

كتابة: رنا خالد
تحرير: محمد هشام
*****************************************
إنها تلك اللحظات المأساوية التي تُصاحب كل طية ورقة في كتاب مؤلم بلذة ساحقة. ذلك الشعور المرير بكل إحساس ينبعث من كل كلمة مطبوعة علي ذلك الورق الأصفر الرقيق رخيص الثمن. تلك الحروف و الوقفات و علامات الترقيم التي تعتصر قلبك في كل مرة تنتهي فيها من قراءة سطر قصير جدا في كلماته ، سهل جدا في معانيه و مشاعره و لكنه طويل جدا في مُخيلتك. إنها تلك اللحظات التي تري فيها نفسك مكتوبا علي سطور أوراق كتاب يتحدث عن علاقات حب قد فشلت فقط لتعطي فرصة للعلاقة القادمة، الدائمة، في البداية. تلك النهايات التي تري نفسك فيها كل مرة و تبكي علي مدي كرهك لنفسك و عشقك لذاتك في نفس الوقت. كرهك لوجودك لأنه ليس بجديد ، عادي جدا ، تتنبأ به الكُتب و مُخيلات الكُتاب الصغار، الموهوبين. لكنك مع ذلك عاشق لذاتك لأنك قد وجدت أنك طبيعي، تحب بجنون مئات المرات و أنك لست بفاقد للحس أو بخائن لمشاعرك السابقة تجاه شخص ما. تلك لحظات "السقوط الحُرة" التي "تتأملها" في عشق مجنون لكيانك المفقود في قيود العمل و قيود وجودك المادي الحقير في جسد يُشعرك بالأسر و ذلة القوانين و الخضوع. إنها تلك المشاعر التي تغمرك في بأسها و شدتها و جنونها، فتقهرك تحت أمواجها الشاهقة الإرتفاع و سريعة الإرتطام بجسدك الهزيل، فتحطمه بلذة و سعادة بالغة في حين أن تستقبل أنت ذلك الإرتطام بصدر رحب لأنك تعلم أن ذلك الإرتطام هو المؤشر الوحيد علي حياتك. ذلك الهبوط المُفاجئ، ذلك السقوط المُؤلم، اللذيذ، هو ما ياُهبك لإستقبال الحياة كما يجب أن تكون؛ جميلة، مجنونة، مُجزءة و غير متوقعة. إنها الحياة التي تغمرك بعد قراءة كتاب كنت تظن في بدايته أنك ستمل منه سريعا و تضعه جانبا مثلما فعلت مع غيره من الكُتب. إنه "هيبتا"، سبع مراحل، سبعة أحاسيس، سبع أشخاص في أربع حكايات تعود لشخص واحد، كان مُمزقا فقط ليكتمل مرة أُخري عن طريق موته كي يحيا.

No comments:

Post a Comment